لوجه الله نصيحة من العلماء لهواة "الحج البلوشي"

من طرف **hima** الجمعة أكتوبر 29, 2010 1:42 pm

سألت العالم والفقيه المدقق الدكتور نصر فريد واصل أستاذ الشريعة الإسلامية ومفتي الجمهورية الأسبق: هل يجوز لإنسان قادر ماديا أن يؤدي فريضة الحج علي نفقة دولة تعاني من الديون والأزمات الاقتصادية وتدبر احتياجات فقرائها بالديون؟
قال: الحج فريضة علي المسلم القادر بدنيا وماديا علي أداء الفريضة. ومن لم يستطع تدبير تكاليف الحج فلا حج عليه.. وكل إنسان قادر ماديا عليه أن يؤدي الفريضة من ماله الخاص حتي يكتب الله له أجر وثواب الحج ويعود من رحلته التعبدية بأكبر المكاسب.
عدت لأسأله: هل الدولة ممثلة في الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية ملزمة بارسال بعثات حج لكبار موظفيها؟
قال: لا.. ليست ملزمة.. لكن لو كان هناك موظف مثالي يؤدي عمله بإخلاص ويحقق معدلات إنتاج متميزة وأرادت الدولة أن تكافيء هذا الموظف المثالي المجيد لعمله بارساله لأداء فريضة الحج علي نفقتها فهذه سنة حسنة من شأنها تشجيع الموظفين علي الاجادة والتميز.
سألته: هل يجوز لموظف أن يؤدي مناسك الحج علي نفقة وزارة أو هيئة أكثر من مرة؟
قال: الحج مطلوب من المسلم مرة واحدة في العمر. ومن يرد أن يكرر الحج فليفعل ذلك علي نفقته الخاصة أما أن يكون ذلك علي نفقة الدولة فهذا إهدار للمال العام وأنانية لا ينبغي أن يتصف بها المسلم.
***
إجابات العالم الأزهري وهو محل ثقتنا وتقديرنا جميعا أضعها أمام كل هواة أو محترفي "الحج البلوشي" في بلادنا وما أكثرهم حيث يتسابق كثير من كبار الموظفين والصحفيين وللأسف بعض الدعاة والمتدينين للبحث عن فرصة لأداء مناسك الحج للمرة الثانية أو الثالثة وربما تكون العاشرة أو أكثر علي نفقة هيئة حكومية أو مؤسسة خاصة داخلية أو خارجية المهم أن يسافروا ليستمتعوا بحج فاخر أو حتي سياحي ويضايقوا الفقراء والمطحونين الذين ذهبوا لأداء الفريضة بتحويشة العمر.
أضع ما قاله الدكتور واصل وغيره من العلماء الثقات عن الحج علي نفقة دولة مدينة أمام هؤلاء الذين يسعون بكل الطرق لتسول رحلة حج مجانية من هنا وهناك ليراجعوا أنفسهم ويتخلصوا من الأنانية القاتلة والمهدرة للكرامة لعلهم يدركون أهداف فريضة الحج ومقاصدها الشرعية ويعودوا إلي صوابهم ويتخلوا عن إهانة أنفسهم أمام خلق الله.
***
منذ سنوات أفتي شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله بأن الحج علي نفقة الدولة المدينة غير جائز شرعا وطالب الحكومة المصرية أكثر من مرة بالكف عن إرسال بعثات حج من خزينة الدولة ووصف هذا العمل بأنه إهدار للمال العام.
هذه الفتوي لم تعجب هواة البلوشي ومحترفي السطو علي المال العام في بلادنا فأخذوا يتحايلون من خلال تساؤلات ملتوية للحصول علي فتاوي من مشايخ فضائيات دينية ناقمين علي الدولة وكل أجهزتها فتصدي لهم الدكتور طنطاوي وأوضح جهلهم ورفض السفر لأداء مناسك الحج بدعوة من ثلاث دعوات تلقاها وأصر علي أن يكون حجه من ماله الخاص وعن طريق حج القرعة الذي تنظمه وزارة الداخلية.
الغريب.. والمستفز.. والمؤسف.. والمحزن..والحرام.. والعيب: أن هواة الحج البلوشي في بلادنا لا يكتفون برحلات الحج المجانية المريحة التي ينعمون فيها بحسن الضيافة. بل وصلت بهم "البجاحة" إلي طلب الحصول علي بدلات سفر مجزية من الجهات التابعين لها باعتبار أنهم سيؤدون خلال هذه الرحلة التعبدية مهمة قومية وسيحققون معدلات إنتاج اضافية. وسيعودون من رحلتهم بأكبر المكاسب للدولة المسكينة التي تخرج من مشكلة لتدخل في خمسين مشكلة!!
في ختام حوار صحفي مع إمام الدعاة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله سألته: عرضت عليّ جهة ما تسفيري لأداء فريضة الحج علي نفقتها الخاصة.. فهل تنصحني بالسفر؟
فسألني: هل أديت الفريضة من قبل؟
أجبته: الحمد لله.
سألني: هل تستطيع السفر مرة أخري لأداء مناسك الحج من مالك الخاص؟
قلت له: أستطيع.
رد علي بتلقائيته المعهودة: إذا كان لديك القدرة علي مقاومة الشعور بالخجل فسافر علي نفقة آخرين!!
فهل يخجل هؤلاء الذين أدمنوا السفر علي نفقة وزارات أو هيئات أو مصالح لأداء الحج كل عام أو عدة أعوام ويعتقدون وهما وظلما وعدوانا بأن هذه الرحلة حق مكتسب لهم دون غيرهم؟!